حياٌة أدبًا "الثقافةُ لا تُشرى ولا تُباع" ثَوْرَة-ناجي نعمان (لبنان)
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 

حياٌة أدبًا
"الثقافةُ لا تُشرى ولا تُباع"
ثَوْرَة

  لوحةً لناجي نعمان بريشة الفنَّان سامي أبو خير    

 مَهما
باريسُ، مَهما فَعَلْتِ،
لَن تُنْسيني حُبَّها، وجُرْحَه

عَودة

... وأَعودُ إليكَ، يا وَطني،
كلَّما قَرَّرْتُ الهَرَبَ من واقِعِك

طُيور
ألطُّيورُ، هنا،
تَمْشي على الأرصِفَةِ الهُوَينا،
لِمَ، في بلادي،
يَعْبُرُ مَن بَقِيَ منها من فوقِ السَّماء؟

جُرح
وَطني، سيَذْكُرُ التَّاريخُ في جُرْحِكَ،
أنَّ شَعبَكَ لَم يَسْتَحِقَّكَ

بَين
بَيْنَ إنْ شاءَ الله، واللهُ كَريم،
مِئَةُ ألفِ قتيلٍ يا وَطني
بَيْنَ دِينٍ ودِين،
مِئَةُ ألفِ قتيلٍ يا وطني
بَيْنَ إقطاعٍ وإقطاع،
مِئَةُ ألفِ قتيلٍ يا وَطني
بَيْنَ شَرقٍ وغَرب،
مِئَةُ ألفِ قتيلٍ يا وَطني
بَيْنَ جَهلٍ وجَهل،
مِئَةُ ألفِ قتيلٍ يا وَطني

خَطيئة

بسَيفِ الغَدْرِ جميعُنا طَعَنَّاك،
وبأيدينا قَميصَ عُثمانَ أَلْبَسْناك،
وعلى العالَمِ، في سوقِ النِّخاسَةِ، عَرَضْناك؛
خَطيئَتُنا عَظيمَة؛
وَطني،
سامِحْ جميعَنا لآخِرِ مَرَّة

أخلاق
ألوَطنُ وَطنٌ لا إقطاع؛
ألوَطنُ وَحدَةٌ لا انقِسام؛
ألوَطنُ استِحقاقٌ لا اكتِساب؛
ألوَطنُ إنسانٌ لا آلة، والإنسانُ غايةٌ لا وَسيلة؛
ألوَطنُ حُرِّيَّةٌ لا قَيْد، والحُرِّيَّةُ نِتاجٌ لا استِنتاج؛
ألوَطنُ كرامةٌ لا ارتِهان، والكرامةُ مُشاركةٌ لا احتِكار؛ ألوَطنُ مسؤوليَّةٌ لا اتِّكال، والمسؤوليَّةُ عَمَلٌ لا انتِفاع؛
ألوَطنُ صِدْقٌ لا رِئاء؛
ألوَطنُ أخلاق

خِيانة
إِلامَ جُرْحُكَ، يا وَطني، إِلامَ؟
أَفلا يَكْفي جَلاَّديكَ إِيلاما؟

مَن خانَكَ فِعلاً،
كمَن خانَكَ قَوْلاً،
كمَن خانَكَ صَمتًا
مَن يُعْطيكَ اليومَ لِيَأْخُذَ منكَ غدًا،
كمَن أَخَذَ منكَ دَومًا من دون أنْ يُعْطِيَكَ يومًا

ألمَسيحُ صُلِبَ مَرَّةً، وأنتَ صُلِبْتَ ألفَ مَرَّة
ألمَسيحُ طُعِنَ مَرَّةً، وأنتَ طُعِنْتَ ألفَ مَرَّة
ألمَسيحُ غَفَرَ مَرَّةً، وأنتَ غَفَرْتَ ألفَ مّرَّة لكنَّ المَسيحَ ثارَ مرَّةً، وأمَّا أنتَ فلَم تَثُرْ أيَّ مَرَّة

إعتِذار
من دَفترِ الوَطنِ،
أَقْطِفُ اليومَ وَرقةً لأَرْسُمَ عليها صورةَ بلادي؛

بلادي الطَّبيعةُ أَنْزَلَتْ عليها جَمالَها،
وإنسانُها جَعَلَ من تُرابِها جَنائِنَ،
ونَحَتَ في صَخرِها لبنانَ،
ففاقَتْ بلادي الطَّبيعةَ جَمالا؛

ولكن،
كما بونَرُّتِّي ضَرَبَ تُحفَةَ موسى، صَنيعَتَه،
كذلك الطَّبعُ طَعَنَ إنسانَ بلادي،
أَعْمَاه، لتَنْزِفَ أرضُ بلادي...

ونَزَفَتْ أرضُ بلادي كما لَم تَنْزِفْ من قَبلُ أرضُ،
حتَّى أرضُ الجيرانِ؛
أوَتَكونُ حربُكِ، بلادي، حربَ خُلاَّنِ؟

أثَورةٌ أَدْمَتْكِ، بلادي؟
لا، لا أَظُنُّ،
فشَعبُكِ، بلادي، مَتى أَحَبَّكِ، أَقامَ ثَورة الثَّوراتِ
ثَورةً بيضاءَ، لا مُلَطَّخَةً بالدِّماءِ

بلادي، قد يَحْلو للحِرابِ جُرْحُكِ،
وقد تَوَدُّ الحِرابُ التَّمادي،
وأمَّا أنا، فكلُّ شَقاءِ الدُّنيا ولا سَماعُكِ تُنادينَ:
أولادي! وما مِن سائِلٍ أو مُبالِ

بلادي، عُذْرَكِ، بلادي، إنْ لَم أَسْتَطِعِ اليومَ
سِوَى رَسمِكِ على وَرقةٍ، وضَمِّكِ إلى دَفترِ أشعاري؛

بلادي، عُذْرَكِ، عُذْرَكِ، بلادي!

مَبيع
كَلَّفوا أنفُسَهم، وما كَلَّفَهم أحد؛
رَفَعوا الشِّعارات، حَمَلوا القَضايا، وأَقْدَموا،
فأَدْمَوا الوَطن، تَناهَشوه، ومَلأوا جُيوبَهم؛
ويومَ دَعاهُم الواجِب، أَحْجَموا، لا بَل خانوا،
فسَقَطَتِ الشِّعاراتُ، وقَضَتِ القَضايا؛
وإذْ عُرِضَ عليهم القليل،
رَضوا بأقَلَّ منه، ثمَّ أَفْلَسوا احتِيالا؛
باعُوا ضَمائِرَهم، باعُوا الوَطن

ثَورة
أَسْرِجوا الخُيولَ،
واشْهِروا السُّيوفَ،
وأَفْسِحوا،
فالحُرِّيَّةُ آتِيَة
على صَهوَةِ فَرَسٍ عاتِيَة،
تَحْمِلُ ثَوْرَةً واجِبَة
تُشْعِلُها نُفوسٌ صافِيَة،
ثَوْرَةً تَضْرِبُ أصحابَ النُّفوسِ الزَّائِفَةِ
والأفكارِ البالِيَة،
تُزيلُ مَنِ اسْتَباحَ، وباع،
وتُعيدُ حُلُمًا ضاع؛

إنَّما الحُرِّيَّةُ والثَّوْرَةُ تَوأَمان،
فأَسْرِجوا الخُيولَ،
واشْهِروا السُّيوفَ،
وأَفْسِحوا

سَيف
هَبَطَ اللَّيلُ وما عادَ النُّورُ لِيَنْبَلِج؛
وسَكَنَتِ النُّفوسُ وما عادَتِ النَّارُ لِتَشْتَعِل؛
ورَأَيْتُها تَرْكَبُ شِراعًا وتُيَمِّمُ شَطرَ المَجهول،
فصَرَخْتُ بها:
إِسْتَلِّيني سَيْفًا يَقْطَعُ العَتْمَة،
إِسْتَلِّيني سَيْفًا يُلْهِبُ الأفْئِدَة،
إِسْتَلِّيني سَيْفًا، يا حُرِّيَّة، يا حُلُمًا يُرْتَجى،
إِسْتَلِّيني سَيْفًا لا إلى إغْماد

جُذوع
جُذوعُ أرزِكَ هي الأرضُ،
فلا تَخَفْ من الرِّيح؛
ثَلْجُ قِمَمِكَ ماءٌ صافٍ يَمْسَحُ الحُزن،
ولِباسٌ أبيضُ يَرْفَعُ الحِداد

واحِد
أنتِ والوَطنُ واحِد

في الوَطنِ أَجِدُكِ،
وفيكِ أَجِدُ الوَطن

أنتِ في القَلب،
وهو في الضَّمير

حُبُّكِ نِعْمَةٌ،
وحُبًّهُ واجِب

كُلُّنا
إلَّم نَكُنْ كلُّنا للوطن،
فلا وطنَ لنا



  من "الرَّسائل" - الرِّسالة الرَّابعة
©الحقوق محفوظة - دار نعمان للثقافة
  ناجي نعمان (لبنان) (2009-07-15)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

حياٌة أدبًا

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia